جلستُ وحدي بين الرُّكام، أُرتِّبُ أوجاعي وسط الظَّلام، أُنادي من كانوا هنا بالأمسِ، لكنَّ الصَّمتَ أضحى جوابيَ الدَّام.
هنا كان بيتي، هنا كان ضحكُ الصِّغار، هنا كانت أحلامي تُزهرُ كالرَّبيعِ في رياضِ النَّوار، وهنا كنتُ أرسمُ مع زوجي غدًا لا يعرفُ الانكسار، أما الآن، فما عادَ لي إلا الرَّمادُ والانتظار.
أين ذهبتْ لعبُ الصغار؟ أين صوتُ أقدامِهم وهي تتسابقُ نحو حضنِها؟ أين ملامحُ وجهِه التي حفرتها في الذاكرة كي لا تفقدها؟ أتراها ما زالت تسكنُ ملامحَ الغبارِ، أم رحلتْ مع صدى الانفجارِ ؟
أيتها الحرب، أما شبعتِ من دمعِ النساءِ وصراخِ الصغار؟ أما ارتويتِ من وجعِ الثكالى، من خفقاتِ قلوبٍ كانت تزرعُ الأملَ فحصدتِها رمادًا؟
تحفرُ في الترابِ بيديها، تبحثُ عن أيِّ شيءٍ يثبتُ أنَّ لهم يومًا حياة، أنَّ لهم يومًا كان بيتٌ وشارعٌ وزقاقٌ يعرفُ أسمائهم. ترفعُ رأسها للسماء، لا تعرفُ إن كانت تدعو أم تعاتب، لكنَّ قلبَها المكلوم يصرخ: “أيُّها العالم، أما آنَ لهذا الوجعِ أن ينتهي؟ أما آنَ لهذه الأرضِ أن ترتاح؟ أما آنَ لهذا القلبِ أن يكفَّ عن الاحتراق؟”
أما الحاضر، فيفيضُ برائحةِ الرَّدى، يشربُ من دمي، ويغرسُ في قلب

أسماء خوجة/ المغرب