حوار مع ذ. مصطفى الخراز

  1. بداية، من هو مصطفى الخراز؟ حدّثنا عن نفسك، وعن رحلتك في عالم الكتابة والسرد الأدبي.
    ـ أولًا شكرًا لك أستاذة مريم عبيدات ولمجلتكم الرائعة. أُعرّفكم بنفسي: اسمي مصطفى الخراز، من مواليد قصبة المخزن بزاكورة سنة 1991، أستاذ في التعليم الابتدائي، كاتب، قاص، شاعر، وفاعل جمعوي. لي بدايات نقدية لمجموعة من الروايات والأشعار والقصص. صدرت لي مجموعة من الكتب الورقية الفردية والمشتركة مع جامعة المبدعين المغاربة. فكانت البداية مع القصص منذ الطفولة، قراءة ومحاولة التقليد، ومحاولة ترجمة النصوص إلى اللغة الأمازيغية. لكن تطوّر الأحداث في حياتي بلغ ذروته مع تجربة الدرك الملكي لمدة شهر، وكانت كافية لأكتب من جديد، ومنه جزء من المجموعة القصصية الأولى ابن الجنوب مع دار ديوان العرب بمصر سنة 2023، ما جعلها تجربة صادقة نابعة من تفاصيل حياتية محضة، وصل صداها إلى عديد معارض الكتب بمصر.
  2. لقد فاجأتنا برواية “عروس تيفريت”. ما الذي دفعك لخوض غمار هذه المجموعة القصصية؟
    ـ فيما يخص هذا السؤال، فالمجموعة القصصية عروس تيفريت جاءت بناءً على عدة معطيات: أولها حبي للأماكن التي أصلها أمازيغي، حبي للاستكشاف والرحلة، والفئة التعليمية التي أدرّسها بالمستوى الابتدائي، والطرق التي أسلكها في حياتي اليومية، وتراكم قصص الخيال في الذاكرة، وتجربة العمل منذ أول تعيين، وفضل أساتذتي وأصدقائي، كل ذلك جعلني أكتب دون توقف عن مشاكل اجتماعية، منها الزواج المبكر من خلال قصة عروس تيفريت.
  3. كيف تختلف تجربتك في كتابة “عروس تيفريت” عن سرد القضايا الواقعية؟ هل وجدت في الرواية مساحة أوسع للتعبير؟
    ـ نعم، بالنسبة لتجربة كتابة عروس تيفريت، فقد وجدت فيها مساحة أوسع للتعبير عن ضغوطات العمل التعليمي والجمعوي، ومهمتي كمنسق لنادي القراءة والقصة بمؤسستي. فحاولت تقسيم العمل على فئات: الأطفال، اليافعين، الشباب، والكبار، من خلال قصص مثل جزء من الذاكرة وأحمد والقط الأسود ولحظة الغروب… فهذا التنوع سهّل الوصول إلى عدد أكبر من القراء، خصوصًا مع التنوع في التخلّص من النهايات التراجيدية والسعيدة.
  4. هل تعتبر أن روايتك تنتمي إلى الأدب الواقعي، أم حملت لمسة من الخيال الأدبي المتخيَّل؟
    ـ حاولت من خلال هذه المجموعة القصصية التنويع في الأساليب، منها الواقعية ومنها الخيالية، لأنني أعلم أن لدي فئات مختلفة ستقرأ كتابي، لذلك حاولت منح كل فئة موضوعًا. الواقعية التي أتحدث عنها هي قصص عشتها بالفعل، أو حدثت لأحد الأقارب، أو مكان زرته أو عشت فيه، كمثال قصة زلزال، ومن منا لا يتذكر تلك الليلة التي هزت المغرب، والحوز على وجه الخصوص.
  5. قرّاؤك ينتظرونك وينتظرون جديدك بشغف، فهل تعتقد أنهم تلقّوا الرواية بنفس الحماس؟
    ـ في الحقيقة، الجمهور لم يُكتب له قراءة أول مجموعة قصصية لي بأرض مصر، وهي ابن الجنوب، التي لم أتوصل بها ولم تصل إلى المغرب بعد، لذلك قمت بمشاركتها إلكترونيًا في انتظار توفرها ورقيًا. وبعدها سيتم تقاسمها مع القرّاء. من قرأها سيلاحظ التشابه في أساليب السرد القصصي والتركيز على محيطي ومدينتي زاكورة، ومشاكلها، وهمومها، وتجربتي الذاتية.
  6. ما هي الخلفية أو الإلهام الذي استوحيت منه قصة “عروس تيفريت”؟ وهل لتجربتك في الميدان الأمني علاقة بالحبكة؟
    ـ الخلفية التي استوحيت منها عروس تيفريت لم تكن اعتباطية ولا عشوائية، بل منذ سنة 2021 وبعد جائحة كورونا، كنت أزور مناطق عدة خلال العطلة في الجنوب الشرقي، ومنها المكان الذي تزوجت فيه بمنطقة النقوب، والطريق إلى مقر العمل بمنطقة تاغبالت. وتيفريت هي قرية صغيرة وأصلها أمازيغي، وتعني بالعربية “المغارة في الجبل”، وجمعها على الأمازيغية إفران بمعنى “مجموعة من الكهوف والمغارات”. وبالفعل، لما عدت إلى المنزل بدأت أنسج خيوط القصة مع تخيّل الأماكن وربطها بمواضيع اجتماعية كالزواج المبكر.
  7. نلاحظ حضورًا قويًا للمرأة في الرواية، فهل كانت هناك رسالة ضمنية أردت إيصالها عن المرأة؟
    ـ بالفعل، فحضور المرأة في المجموعة القصصية ككل، أساسه أن العديد من النساء في منطقتي ينقصهن الكثير. معاناتهن مع ظروف العيش، هروب الأزواج، الزواج السري، قساوة الطبيعة، كثرة الحشرات السامة القاتلة صيفًا، وفقدان أولادهن في وادي درعة شتاءً، الزواج المبكر، حوادث السير، الهجرة… كلها تفاصيل جعلتني أكتب قصتي عروس تيفريت، التي كانت أول نسخة منها لوالدتي.
  8. هل يمكن القول إن “عروس تيفريت” بداية لسلسلة روايات قادمة؟ أم كانت تجربة فريدة؟
    ـ عروس تيفريت هي المجموعة القصصية الثانية بعد ابن الجنوب، وآخرها الطريق إلى الواحة عن جامعة المبدعين المغاربة، إضافة إلى كتب مشتركة مع نفس الدار، ودور نشر مصرية أخرى ويمنية، وملتقى كُتّاب حول العالم، وأخيرًا أنطولوجيا القصة القصيرة بدرعة، مع دار بصمة للنشر والتوزيع.
  9. ما رأيك في المشهد الروائي المغربي حاليًا؟ وهل ترى أن الكتابة البوليسية ما زالت تُعتبر “أدبًا مهمشًا”؟
    ـ المشهد الروائي المغربي بدأ يتعافى، خصوصًا بعد عدة مسابقات في الرواية العربية، والتي يفوز بمراكزها الأولى كتّاب مغاربة، ثم تظاهرة معرض الكتاب الدولي بالرباط والمعارض الجهوية التي تعيد الحياة للرواية والانفتاح عليها. وبالتالي، فمجال الرواية بالمغرب لا بأس به، لكنه في حاجة إلى تضحيات من لدن دور النشر المغربية من أجل تسهيل وتيسير النشر المجاني للرواية أو بالمناصفة مع الكُتّاب.
    أما بالنسبة للكتابة البوليسية، فهذا مجال واختصاص روائي آخر له مقوماته وأساليبه، والفئة التي تهتم به، بحيث لا يمكننا الجزم بتصنيفه أدبًا مهمشًا إلا إذا كان قرّاؤه ومتابعوه فئة قليلة جدًا.
  10. باعتبارك شخصية جمعت بين الواقع والخيال، ما الذي تقترحه على الكُتّاب الشباب الذين يودّون الدخول في هذا التداخل؟
    ـ في الحقيقة، أنصح كل من يرغب في الجمع بين الواقعية والخيال في مجال السرد أن تكون كتاباته صادقة، ولو كانت قصص رعب أو فنتازيا. أن تكون رسائله نابعة من هموم المجتمع ومشاكله في قالب سردي محترم، بعيد عما هو طائفي، سياسي، عقائدي أو جنسي. كما أن مجال الطفولة يحتاج منا الكثير، فهو مجال خصب لتلاقح الكتابة السردية الواقعية مع الخيالية، ولكن باحترام.
  11. وأخيرًا، ما الذي ترغب أن يبقى في ذهن القارئ بعد الانتهاء من قراءة “عروس تيفريت”؟
    ـ الجملة التي أريدها أن تبقى عالقة في ذهن القارئ بعد الانتهاء من قراءة عروس تيفريت:
    (كانت زينب مثالًا لباقي الحالات، فإما أن تموت غرقًا في وادي درعة، أو تموت بلذغة أفعى أو عقرب، أو يتم تزويجها رغما عنها) ـ صفحة 9.
  12. كلمة من القلب لمتابعي مجلة “الريم المغربية” ولعشّاق الأدب المغربي:
    كلمة ختامية، أقول لكم: مبارك لكم هذا التميز بمجلة الريم المغربية، في شخص الأستاذة مريم. أتمنى لكم التوفيق، والريم ريما ذات بهجة في روابي الإبداع والتألق. ولكل عشاق الأدب المغربي، كل حرف تمّت كتابته ليس بريئًا، إنما هو قطرة تُضاف إلى بحر الأدب المغربي.
    شكرًا لكم، والسلام.

حاورته الكاتبة مريم عبيدات/المغرب